Duration 2:30

ذكريات غاليه الا يعرفها الا جيل التمانينات كانت احلي ايام كل شيء كان ليه طعم ونكهه

Published 2 Feb 2020

جيل الثمانينات، هذا المصطلح الذي يطوف الميديا كثيرًا، ويتردد صداه في الشاشات والوثائقيات المرئية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. إذا ما تم تعريف هذا المصطلح تعريفًا دقيقًا، فهو يعني الجيل من البشر الذي وُلد وترعرع وأدرك الثمانينات بكل تفاصيلها ووضوحها؛ أي أنه يطلق على من وُلد في الفترة التي تسبق أو تلي العام 1980 بسنوات بسيطة. طبعًا هذا المصطلح يشمل كل مواليد الكرة الأرضية في هذه الفترة، وعندما يتم رصد مظاهر الحياة وطبيعتها في هذه الفترة، فإنه يكون شاملًا لسكان العالم أجمع، لكني – ولأكون صريحًا مع حضراتكم – لم أرَ كل مواليد العالم حينها، ولا مظاهر حياتهم، لذا سيكون جُل كلامي عن جيل الثمانينات المصري، الذي أتشرف بأني من أفراده، وبأني عشت كل مظاهره بأفراحه وأتراحه، بكبواته وانتصاراته. باختصار، سوف أقص عليكم نبأ جيل قد شاخ قبل أوانه. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا جيل الثمانينات هو من تُثار حوله هذه الضجة، وهذا الفيضان الإعلامي إذا صح التعبير؟ الإجابة كما أراها من وجهة نظري؛ لأنه وببساطة هو الجيل الذي استطاع أن يعاصر أصالة ورُقي الماضي في أواخر عهوده، وأن يكمل بعد ذلك مسيرة التطور التكنولوجي والمعلوماتي الهائل في السنوات القلائل التي تلت ذلك، واستطاع أن يرى أمام عينيه كل الأشياء كبيرها وصغيرها، وهي تأخذ في التطور والتحور عما ألف واعتاد، وكل الأشياء تتغير وتتبدل أمام عينيه، وهو مع ذلك لا زال لم يتخط الأربعين من عمره؛ أي أنه في لغة العمر: شاب. ذكريات غاليه الا يعرفها الا جيل التمانينات كانت احلي ايام كل شيء كان ليه طعم ونكهه حتى أستطيع أن أوضح كلامي أكثر، وأن أربطه بقرائن وأدلة يستطيع القارئ أن يستوضح منها الحديث كان معظم النشأ في فترة الثمانينات يتعلم في المدارس الحكومية -الأميرية- المجانية، والأقلية كانت ترسل أولادها إلى المدارس الخاصة التي لم تكن بالانتشار الكبير مثل هذه الأيام. كان السائد بين النشء حينها أن «الشطار هم اللي بيدخلوا مدارس الحكومة المجانية، والتلميذ البليد هو اللي أرسله أهله إلى المدارس الخاصة»! كان فكرًا طفوليًا سائدًا. كانت المناهج بسيطة جدًا، والكتب بسيطة، وأتذكر أننا مثلًا لم نبدأ في دراسة اللغة الأجنبية الأولى «الإنجليزية»، إلا في بدايات الصف الإعدادي، واللغة الأجنبية الثانية: فرنسية أو ألمانية، إلا في المرحلة الثانوية. لم نبدأ في دراسة الرياضيات بشكل موسع إلا في الصف الرابع الابتدائي. وبنفس الفكر وقتها، كان كل العيب فيمن يأخذ دروسًا خصوصية، أو مجموعات تقوية، وكان يعتبره أقرانه بليدًا، ومن يُعرف عنه ذلك يصير مثار تندر وسخرية الجميع من أقرانه. كنا نذهب إلى المدرسة يوميًا، ونقف في الطابور؛ لنحيي العلم بكل حماسة وفخر، ونصعد إلى فصولنا على وقع موسيقى أغاني وطنية حماسية، وكان المعلم عندنا أفضل قدوة، وكان أساسه التربية قبل التعليم. فكان يزرع فينا القيم والأخلاق، قبل أن يعطينا العلم. كان المعلم يقضي كل وقته في تعليمنا وتدريبنا، وكان يغضب كثيرًا من التلميذ الذي لا يتجاوب أو الذي لا يكمل واجباته، وطبعًا كان سلاح الضرب أحد الوسائل الفعالة وقتها، سواء بالعصا أو الخرزانة، أو حتى المد على الأرجل. لا أنكر أننا تعلمنا جيدًا، وكان حظنا كبيرًا أن نجد نخبة من المعلمين تعطي بلا مقابل، وتتبنى رسالة التعليم كعمل سام، لا وسيلة للتربح. مكثنا على هذا الحال سنين طوال؛ فمرت مراحل الابتدائي والإعدادي، ودخلنا في سنوات التسعينات، وكانت مرحلة الثانوية التي ما لبثنا أن شاهدنا مظاهر التردي والوهن تدب في العملية التعليمية، وأصبح الفكر السائد وقتها، هو ثقافة الدروس الخصوصية، والمجموعات المدرسية التي كنا نجبر عليها؛ حتى لا يزعجنا معلم الفصل، وانقلبت الآية من فترة كانت ترى العيب في الدروس الخصوصية، إلى فترة أصبح من لا يأخذ درسًا خاصًا، غريبًا ويطلقون عليه صفات الفقر، وينسون أنها مسألة مبدأ. ولكننا حتى مع هذا التردي كنا نذهب إلى المدرسة يوميًا، ونقف في الطابور، ونحيي العلم، ونحضر دروسنا، وكان المعلم متواجدًا دائمًا يشرح بكل إخلاص. وكان أيضًا يسأل عن مستوى طلابه، ويغضب من إهمالهم دروسهم. منذ أيام سألت أحد أقربائي في المرحلة الإعدادية عن التزامه في المدرسة، فكان قوله: كنت في المدرسة منذ ثلاثة أيام، وكنت الوحيد في الفصل؛ فصعقت من قوله، وفاجأني أنه يعتبر من الملتزمين في المدرسة، وأنه يحضر يومًا في الأسبوع، وأن بقية زملائه لا يحضرون منذ أول العام الدراسي، ومشغولون بمجموعاتهم ودروسهم «علشان يجيبوا مجموع كويس»، بدلًا من تضييع الوقت في المدرس

Category

Show more

Comments - 0